Download App Fahad Al-Salem Center application on your IOS device Download Fahed al Salem Center application on your Android device
محاكمة صحفي سويدي بتهمة تهريب البشر "طفل الحافة".. سيلفي تعاملت معه وزارة العمل السعودية 2.4 مليار شخص بلا "مراحيض" الامم المتحدة تعرب عن قلقها الشديد بشأن قانون تركي يسقط تهمة الاعتداء على قاصر عند الزواج
أبرز الأحداث

تقارير اخبارية

الأكثر قراءة
الماحل والعدالة اليتيمة

 

 

بقلم: الشيخ فهد سالم العلي الصباح*

 

سُئِلَ جمال الدين الأفغاني: متى يتحقق العدل؟ فقال: عند تعادل القوى.

وتحقّق العدل يعني أنَّ كلَّ صاحب حقٍ قد نال حقه، فلا يطغى قويّ على ضعيف، ولا يتعسّف صاحب حقٍ في الحصول على حقّه وبلوغ غايته، وتحقّق العدل يفترض توفّر شروط ثلاثة:

قانون عادل، وقاضٍ عادل وقوة غالبة تقف في صفِّ من له الحق لتؤمن تعادل القوى مع ظالم الحق والمتغطرس بالمكانة، ومع غريمه الضعيف.

من هنا كانت أهمية توفّر القاضي العادل كضامنٍ أساسيّ لنفي الظلم والوصول إلى العدالة في الحكم بين غريمين أو أكثر، لذلك كان الواجب أن يمتاز القاضي بصفاتٍ تبرر مكانته وتعطيه الحقّ بالفصل بين المتخاصمين، دون مواربة أو تحيز ويمكننا اختصار هذه الصفات بالآتي:

-يجب ان يكون القاضي عالماً بالقوانين متدبراً لها يعرف ما لها وما تنطوي عليه نصاً وروحاً.

-يجب أن يكون متوازن الشخصية ثابت الجنان واثقّ الرأي هاديء الطبع بعيداً عن الإنفعال والغضب.

-أن يمتاز بثباته على الموضوعية فلا يتأثر بعاطفته التي قد تميل به عن الحق إلى اتباع الهوى.

-أن يكون على قناعة تامّة بمركزه وأهمية دوره، فلا يعتبر ذلك مركز استثمار، ولا نقطة انطلاق إلى مراكز أكثر أهمية.

هذه المميزات التي يجب أن تتوفّر في القاضي لكي يكون عادلاً وتكون أحكامه في الناس صحيحة لا غبارَ عليها باتت مفقودة  عند بعضهم. مما كان لزاماً على السلطة أن تبادر إلى مساعدته في الثبات على الحق وأن توفر له الأمن والراحة والهدوء، إضافة إلى العيش الكريم ضمانةً لحصانته ضدّ المغريات فلا تسوّل له نفسه الانحراف عن جادّة الصّواب والسّعي من أجل المغريات المادّية والاجتماعية، بدل أن تعمد السلطة إلى ذلك جعلته أداة تحريض على خطف الحق  وأسره في ملفات لم تفتح لكي يأخذ بها الحكم العادل. فبات القاضي أسير الإغراءات والتي تميل به إلى اغفال واجبه تجاهه المجتمع، وهذا ليس باحتمال، لأن الإنسان قد تضعف مقاومته إذا اغرقته الأنانية وتفاقم به الجهل، فأستبد به الآخرون وأحسّ بالتبعية لسياسة الكيدية وواقعنا يشهد، فهل  هناك من ينكر ذلك؟!.

كلنا نعرف ماذا يجب على السلطة وعلى القوى الفاعلة فيه أن تفعل ما هو خير لضمان مصداقية القضاء فهي تضمن للقاضي حاجاته المادية إضافة لكرامته الإنسانية التي تتخذ في كثير من الأحيان شعارا لتمرير المغريات الأخرى. وحتى إن تحافظ هذه السلطة على أهمية موقعه المرموق في محيطه ومجتمعه في أغلب بلادنا العربية، فيكون ذلك حرصاً منها على تأمين حاجاتها ورغباتها وممارستها لسياسات مليئة بالكيدية وبعيدة عن سيادة العدالة.

فإننا ننصح هذه القوى الفاعلة والسلطة القادرة تأمين شروط هذه العدالة من جميع نواحيها وعلى رأسها القانون العادل والقاضي العادل الذي يتولى تحديد السبل الموصلة إلى العدل متجرداً من المصالح الذاتية، آمناً على نفسه وأهله في ظل قوةٍ تأتمر بأمر القانون بعيداً عن التسلط وسوء استعمال السلطة.

لعلّ في هذه العجالة نتمنى أن يصبح القاضي منيعاً في مواقعه المتقدمة في حماية حق الناس، آمناً من كيد أصحاب المصالح في اضطراب المجتمع وضياع الحقوق فيه.

ولمّا كانت مقولة العدل أساس الملك صحيحة بالمطلق؛ صار بامكاننا أن نتخيل مجتمعاً اختل فيه ميزان العدل سواء كان ذلك ناتجاً عن جهل القاضي او عن انحيازه واصداره الأحكام خلافاً لمنطوق العدل، معارضاً للأعراف الأجتماعية.                                                        

هذا الأمر سيكون بمثابة الاعصار الذي يعصف بكل شيء في هذا المجتمع، حيث ستسود شريعة الغاب فيقضي القوي على الضعيف،  ويستهلك المتسلط ما يمكن ان تصل يده اليه، وينجو بفعلته القاتل ويتملص السارق ومن ثمّ يسوّد الفاجر ويقرّب الماحل. وباختصار شديد؛ سينفرط العقد الاجتماعي وسيؤول الأمر الى خراب العمار والدمار، الحرث والنسل في ظل تراجع الأخلاق والقيم المرتبطة بها، وتجاوز الأعراف المتوارثة  المرتبطة بالوجدان الوطني والقضاء على مجمل الأعراف الاجتماعية الداعية الى الخير.

فاحمي وجدانك الانساني أيها القاضي كي لا تخسره على موائد أصحاب القلاقل والمفسدين، لأن فسادهم سوف يدمرك وبك سيدمر كل شيء ممكن.

فان خلاصة القول تتلخص في ان مجتمعاً او وطناً او دولة إذا تراجعت فيها العدالة وصار فيها القاضي متحيزا لا بالعدل سينالها الخراب ويعمُ فيها الفساد ويصبح السكن فيها والاقامة في نطاقها ضربا من المعاناة ونوعا من البلاء  وقانا الله شرور الظلم وهدانا الى الحكم العدل والقاضي العادل .لأنهما يحاربان الظلم ويقطعان دابر الفساد.

 

 

*رئيس مركز فهد السالم لحوار الحضارات والدفاع عن الحريات

 

12-11-2013
آخر الأخبار

مقالات

أهم المواضيع