صدر كتاب "مركز فهد السالم وحوار الحضارات" للمؤلف الشيخ فهد سالم العلي الصباح في فترة زمنية اختلطت فيها الأمور وتلبّدت فيها الأجواء الفكرية والسياسية في بلاد العرب والمسلمين.
جاء الكتاب لِيُحْدِثَ كوَّة أملٍ في جدار الصراعات، وليمثّل دعوة صريحة ملحة إلى الحوار الجدّي والتفاهم الوثيق بين مختلف الحضارات الإنسانية، وهو إذْ يدعو لهذا الحوار البنّاء، مرتكز إلى أساس الدين الإسلامي الحنيف الذي ما انفكّ يمدّ يد السلام إلى كافة الشعوب وإلى جميع التيارات الفكرية البنّاءة، لا سيّما وأنه يعترف بالآخر المقابِل كياناً معنوياً، ويعطيه الحق في الدفاع عن مواقعه في إطار هذا الحوار الذي يدعو إليه حول الكلمة السواء والمرتكزات الإيجابية، وكل ما من شأنه تقريب وجهات النظر من أجل سلام الإنسان ورضاء المجتمعات.
وكتاب "مركز فهد السالم وحوار الحضارات" يضع النقاط على الحروف وهو يعطي المعنى المنطقي للحرية، ويحدد أطرها ويضمن كرامة المواطن وانسجام المجتمع، خاصة حين يساوي بينها وبين الإلتزام فلا تعود هذه الحرية رديفة للتفلّت ولا تعود إلى الفوضى والعبثية.
كذلك يلقي مزيداً من الضوء على علاقة الفلسفة بالإسلام مبيّناً موقف هذا الدين الحنيف منها، بحيث لا تكون هذه المنهجية في النقاش بديلاً عملياً عن العقل الموضوعي الذي يفتّش عن أفضل الطرق وأيسرها لبلوغ الحقيقة، فما كان من الإسلام إلا أن أنزل الفلسفة إلى أرض الواقع وخلّصها من غموضها واستغراقها في البحث عن الماورائيات بعد أن اتّخذ منها وسيلة للدعوة إلى مبادئه السامية، وموقعاً للدفاع عن الفكر الذي يدعو إلى وحدانية الله، ويبيّن ما التبس من الشرائع والمفاهيم، فكان أن أتّخذ المفكرون الإسلاميون من منهجية الفلسفة طريقاً لوضع أسس "عِلم الكلام".
وكتاب "مركز فهد السالم وحوار الحضارات" هذا، الذي صدر عن مركز فهد السالم لحوار الحضارات والدفاع عن الحريات، يُؤَسِّس لفهمٍ منطقيٍّ لمفهوم العدالة في الإسلام مبيّناً أنّ هذه العدالة المرتكزة إلى قوانين إلهية مقدَّسة تضمن حقوق الإنسان، ولا تتسبّب بالظلم مقارنةً مع القوانين الوضعيّة التي تضمن مصالح الذين يسنّونها ويشرّعونها، وبالتالي ستظلّ هذه العدالة نسبيّة لا تصل إلى حدّ الكمال، كما هو بالنسبة للعدالة الإلهية التي يستمدّ الإسلام قوانيه من شرائعها.
ولا ينسى مؤلف الكتاب الشيخ فهد سالم العلي الصباح أن يتطرّق إلى نقاش مفهوم الديموقراطية ليوضح أنها ليست مجرد أن يحكم الشعب نفسه بنفسه، ولا يمثّل الإقتراع لاختيار ممثّلي هذا الشعب فقط، إنما تعني الديموقراطية إضافةً لذلك أن يُعترف بالآخر وبحقه المكتسب في الحرية والكرامة في ظل مفهوم واضح عن المواطنة الصحيحة والمخلصة.
والكتاب يتناول البحث الرّصين والموضوعي عن عناصر الثقافة الإسلامية وما تضمنّته من دعوة ملحّة لطلب العلم، وإلحاحها الشديد على حرّيّة الفكر والإبداع بعد أن ضمنّت الأُسس المتينة لبناء الشخصية الإسلامية القوية والرّصينة، ودافعت دفاعاً مستميتاّ عن الأسرة وسلامتها وتماسكها على اعتبار أن الأسرة هي الوحدة المكونة للمجتمع، وسلامة هذا المجتمع وسلامه إنما يكمنان في سلامة الأسرة وسلامها.
لهذه الأسباب ولكثير غيرها يأتي هذا الكتاب ليُجيب على الكثير من التساؤلات في فترة عصيبة من تاريخ البلاد العربية والإسلامية، حيث تكمن الحاجة الماسة إلى التقارب عبر الحوار تمهيداً للخروج من كهوف الجهل، والتخلّص من شرور الطائفية البغيضة، والعبور إلى المواطنة الصالحة. وبالتالي فإن هذا الكتاب جديرٌ بأن يحتلَّ موقعه في المكتبة العربية والكتابة عنه لا تغني عن قراءته..
لتحميل الكتاب على جهازك IOS
لتحميل الكتاب على جهازك Android
لتحميل الكتاب كنسخة PDF