Download App Fahad Al-Salem Center application on your IOS device Download Fahed al Salem Center application on your Android device
محاكمة صحفي سويدي بتهمة تهريب البشر "طفل الحافة".. سيلفي تعاملت معه وزارة العمل السعودية 2.4 مليار شخص بلا "مراحيض" الامم المتحدة تعرب عن قلقها الشديد بشأن قانون تركي يسقط تهمة الاعتداء على قاصر عند الزواج
أبرز الأحداث

تقارير اخبارية

الأكثر قراءة
أزمة كشمير : تاريخ من الصراعات .. وحلول مستبعدة

أزمة كشمير بين الهند وباكستان : لمحة تاريخية

تعتبر أزمة «كشمير» من أقدم النزاعات المستمرة حتى اليوم، فهي تعاصر في بداياتها مشكلة تقسيم فلسطين، وبداية الصراع العربي الاسرائيلي (العام 1947)، وما زالت حتى اليوم من دون حل يرضي كل الأطراف، وهي أيضاً، وللصدفة، من مخلّفات الاستعمار البريطاني للهند.

وما يميز حروب هذه الازمة هو اندلاعها فوق سقف العالم، وأحياناً على ارتفاع 5000م فوق سطح البحر، فهي بذلك من أكثر الحروب الحامية «برودة»، كون بعض المعارك فيها وقع في جبال الهملايا المكللة بالثلوج والجليد.

فقد احتلت بريطانيا العظمى شبه القارة الهندية منذ مطلع القرن التاسع عشر، واستمر هذا الاحتلال حتى العام 1947 عندما نالت الهند استقلالها بعد ثورة غاندي ورفاقه. على أثر الانسحاب البريطاني من شبه القارة الهندية (14 آب 1947) ولدت دولتان: الهند والباكستان.

كانت شبه القارة الهندية تتألف من حوالى 570 ولاية (إمارة) تخضع لسلطة البريطانيين المتمثلة بنائب الملك حاكم الهند، وعند الانسحاب البريطاني خيّرت هذه الامارات بين الانضمام الى الهند العلمانية أو الباكستان المسلمة. وبالفعل فقد تمّ ذلك من قبل كل الامارات ما عدا «جامو وكشمير».

كانت «جامو وكشمير» تشكل إقليماً يخضع لحكم «مهراجا» هندوسي هو «هاري سنغ»  بينما غالبية سكان الإقليم (حوالى 80٪) هم من المسلمين

حاول هاري سنغ أن يستأثر بحكم الإقليم ويستقل به، وتردد في إعلان انضمامه الى أي من الدولتين الجديدتين، كما هو مطلوب منه.

إزاء هذا الواقع قام أهالي الإقليم من المسلمين بتمرد على سلطة الحاكم الهندوسي وطلبوا الدعم من الباكستان والانضمام اليها، تدخلت القوات الباكستانية وبعض القبائل الموالية لها (البشتون) بدعم هذه الحركات ودخلت قسماً كبيراً من أرض الإقليم.

بروز المشكلة بين الدولتين

عند هذا الحد طلب المهراجا «سنغ» المساعدة من الهند التي استغلت هذا الطلب وأجبرت المهراجا على توقيع وثيقة بطلب الانضمام اليها (Instrument of Accession)، قبلت من قبل اللورد مونتباتن (Lord Mountbaten)، حاكم الهند العام، وكان ذلك في 27 تشرين الأول 1947. وفي اليوم نفسه تدخلت القوات الهندية المنقولة جواً وعملت على وقف تقدّم القبائل المدعومة من قبل باكستان.

كانت الهند تعتبر أن حاكم الإقليم قد وقع وثيقة الانضمام اليها وأصبح الإقليم بذلك جزءاً من دولة الهند، بينما كانت الباكستان ترى أن المهراجا قد خالف اتفاقاً وقّعه معها سابقاً للمحافظة على الوضع الراهن ريثما يتم الاتفاق على وضع الإقليم، خصوصاً أن هذا الإقليم يضم أكثر من 80٪ من السكان المسلمين، واعتبرت أنه لا يحق للمهراجا الهارب الى الهند أن يوقّع وثيقة الانضمام، كما انها اعتبرت أن التوقيع ذاته قد تمّ تحت الضغط والإكراه، وبالتالي تسقط قيمته ومفاعيله القانونية.

النزاع المسلح حول الإقليم

منذ مطلع تشرين الثاني 1947، بدأت القوات الهندية عملياتها على طول محاور الغزو الرئيس لتطهير المنطقة من الثوار، واشتد القتال على مختلف الجبهات داخل إقليم كشمير. تدخلت الباكستان رسمياً في الحرب خلال شهر أيار من العام 1948 على اعتبار أن وجود القوات الهندية في كشمير يشكل تهديداً لأمنها القومي، كما أن بعض المراقبين والمؤرخين اعتبر أن تدخل القوات الهندية في كشمير جاء حتى قبل اعلان وثيقة انضمام الإقليم للهند من قبل المهراجا «سنغ». رفعت القضية الى مجلس الأمن الذي تمكن من اصدار قرار بوقف النار اعتباراً من 1/1/1949، وانسحاب القوات الباكستانية الى حدودها قبل اندلاع الاشتباكات، كما دعا الهند الى إجراء استفتاء للوقوف على رأي سكان الإقليم لتحديد ما يريدون. ولكن هذا الاستفتاء لم يجر مطلقاً، حتى اليوم، كما أن القوات الباكستانية لم تترك المنطقة التي سيطرت عليها من أراضي الإقليم، منذ ذلك الوقت، وحتى اليوم، وهذه المنطقة تديرها اليوم باكستان بعد أن قسمتها الى قسمين منفصلين: الأول ويدعى «آزاد كشمير» أو «كشمير الحرة»، والثاني، ويدعى: المناطق الشمالية. وهكذا أصبح إقليم كشمير مقسماً عملياً الى: ولاية جامو كشمير الهندية ومن ضمنها وادي كشمير الشهير، تحت سيطرة الهند، والقسم الآخر تحت سيطرة باكستان، ويفصل بين الإثنين خط المراقبة أو خط وقف النار (Line of Control) الذي أقرته الأمم المتحدة والدولتان المتحاربتان في تموز العام 1949 وعيّنت قوة مراقبة دولية عرفت باسم «UNMOGIP».

 

 

بدأ النزاع الهندي - الباكستاني حول كشمير في النصف الثاني من العام 1965، ففي 5 آب عبر مئات المسلحين من باكستان خط وقف النار الى داخل كشمير، واتجهوا نحو العاصمة (سرينجار - Sringar) لإثارة السكان ضد حكام الولاية وقلب السلطة بالقوة، وتشكيل مجلس ثوري بمساعدة باكستان، ولما فشل الثوار في عمليتهم شنت الباكستان في أول أيلول من السنة 1965 هجوماً كبيراً بالمدرعات، نجح في دفع القوات الهندية الى الوراء وحتى مسافة حوالى 20 كلم داخل الإقليم.

اجتمع مجلس الأمن والمعارك محتدمة في الإقليم وأصدر في 4 أيلول قراراً دعا الى وقف إطلاق النار فوراً، واحترام خط وقف النار وانسحاب جميع المسلحين والتعاون مع المراقبين العسكريين التابعين للأمم المتحدة.

وفي 6 أيلول قامت القوات الهندية بهجوم معاكس واسع النطاق على الجبهة الغربية بأكملها لوقف تقدم القوات الباكستانية في غرب كشمير، فاجتمع مجلس الأمن مجدداً وأصدر قراراً جديداً لوقف الحرب، وبدأ الأمين العام للأمم المتحدة بزيارة للدولتين، وحاول جاهداً إحراز تقدم في وقف الحرب، ولكن من دون جدوى.

بعدها وجهت الصين إنذاراً الى الهند لوقف الحرب، وبدأت تستعد للتدخل فما كان من الولايات المتحدة إلا أن حذّرت الصين بأن تدخّلها سيعرّضها للردع الأميركي. في هذه الأثناء كان مجلس الأمن يتابع مناقشاته ونشاطه الدبلوماسي لوقف الحرب، وأصدر قراراً في 20 أيلول بوقف الحرب اعتباراً من 22 أيلول وانسحاب القوات المتحاربة الى الخطوط التي كانوا فيها قبل 5 آب، ولما لم تفلح هذه القرارات تدخل الاتحاد السوفياتي (في ذلك الوقت) ودعا الطرفين الى محادثات سلام في طشقند، وفي 10 كانون الثاني 1966 توصل الأطراف الى عقد الاتفاق بينهما وتطبيق قرارات مجلس الأمن وإعادة الأمور الى ما كانت عليه.

اندلعت هذه الحرب على خلفية حركة التمرد والانفصال التي قامت في باكستان الشرقية، فقد أدى تدخل القوات الباكستانية من أجل قمع التمرد في القسم الشرقي من باكستان الى تدخّل الهند لصالح سكان هذا القسم، ما أدى الى تجدد حرب شاملة باكستانية وهندية على طول الحدود بينهما شرقاً غرباً، وتقدّم كل منهما في أرض الدولة الأخرى ومنها كشمير.

 

أدت المفاوضات التي عقدت بين الطرفين الى وقف الحرب في نهاية شهر كانون الأول 1971، ونتج عنها انفصال القسم الشرقي من باكستان الذي أعلن استقلاله تحت إسم دولة «بنغلادش» بدعم من الهند.

وفي تموز 1972 توصل الطرفان الهندي والباكستاني الى اتفاق «سيملا» (مدينة هندية تقع عند سفوح جبال الهملايا)، الذي شكّل نقطة تحوّل جوهرية في علاقة البلدين، وحل النزاعات بينهما بشكل ثنائي وتأليف لجنة لمتابعة حل المشاكل بالطرق السلمية، وبناء الثقة بين الأطراف.

ما بعد 11 أيلول 2001حاولت الهند استغلال أحداث 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة بأن سعت الى إدراج المنظمات الكشميرية المقاومة، كمنظمات إرهابية تسعى الولايات المتحدة للقضاء عليها وقد تعاطفت الولايات المتحدة مع هذا المسعى، إلا أنها أجلت ذلك حتى إنهاء المنظمات الأفغانية، وكي لا تغضب الباكستان.

مع تصاعد أعمال العنف داخل كشمير وعمليات المقاومة ضد الهند ازدادت احتمالات الصدام مجدداً بين الدولتين، إلا أن الولايات المتحدة (حليفة الطرفين) ضغطت عليهما لوقف حدة الصراع، ودعتهما للتعاون معها للسيطرة على الوضع الأفغاني، ثم إن الوضع العراقي لم يستقر بعد لصالح الولايات المتحدة.

تحاول الولايات المتحدة اليوم وتركز على بناء تفاهم استراتيجي واسع مع الهند، وذلك كجزء من سعيها، لبناء وتحضير مسرح جيوستراتيجي آسيوي، استعداداً لمواجهة قادمة مع الصين أو مع روسيا، أو إيران. وتسعى الباكستان وهي صديقة تقليدية للصين الى منع إقامة هذا التفاهم، وذلك من خلال تعاون وثيق مع الولايات المتحدة على المسرح الأفغاني.

موازين القوى والصراع الجيوستراتيجي

تتوجه الهند في تسلّحها وبناء قواها العسكرية الى التوازن مع الصين كخصم محتمل في المستقبل للسيطرة على جنوب آسيا، بينما تسعى الباكستان الى بناء قوة رادعة تمنع الهند من اجتياحها أو القضاء عليها، لذلك لجأت الى بناء قدرة نووية ووسائل إيصالها من صواريخ عابرة وبعيدة المدى، وكذلك للتأثير في إنهاء النزاع الكشميري بطريقة ترضى عنها، وهذا ما دفعها الى زيادة إنفاقها العسكري وتعزيز قواها لتصل موازنتها العسكرية العام 2006 الى حوالى 100 مليار دولار. لكن ميزان القوى بين الهند وباكستان يميل الى صالح الهند بشكل واضح، ذلك أن عدد سكان الهند يبلغ حوالى 1.125 مليار نسمة (تقديرات 2007)، بينما عدد سكان الباكستان يبلغ حوالى 165 مليون نسمة (تقديرات 2007)، كما أن الناتج القومي الباكستاني، للعام نفسه، بلغ حوالى 437 مليار دولار، وقد شكل الإنفاق العسكري الهندي في ذلك العام حوالى 100 مليار دولار، ولم يتجاوز الإنفاق العسكري الباكستاني 12 مليار دولار.

تبلغ تقديرات «القوة العاملة» في الهند لذلك العام أيضاً 506 مليون شخص، والباكستان حوالى 48.3 مليون شخص.

أما بالنسبة الى القوات المسلحة، فقد دلّت تقديرات العام 2006 أن لدى الهند «ثاني» أكبر جيش في العالم من حيث العدد، بعد الصين، (حوالى 3.5 مليون جندي، بينهم 1.4 مليون جندي عامل) وذلك في صفوف الأسلحة المختلفة. كما تملك الهند، وفق آخر الإحصاءات «رابع» أكبر سلاح جو في العالم، من حيث عدد الطائرات، في أنواعها المختلفة، المتعددة المصادر، والمحلية (1350 طائرة)، كما تملك الهند حاملتي طائرات (مقاتلة وهليكوبتر). يضاف الى ذلك أن الهند تملك عدداً من الرؤوس النووية والصواريخ المتنوعة يفـوق بكثير تلك التي تملكها الباكستان، كما أن الهند تمتلك أكثر من 5 آلاف دبابة قتال وعربة مدرعة وتتفوق على الباكستان في ذلك.

في ظلّ ما تقدّم تحول النزاع على كشمير بين الدولتين، الى صراع قوي، وتحولت كشمير الى ساحة لهذا الصراع، أو الى مدى جيوستراتيجي يختزل حجم لعبة المصالح، والتنافس على جنوب آسيا، والقائمة حالياً بين الهند والصين والولايات المتحدة وروسيا، وكل وفق رؤيته الاستراتيجية لهذه المنطقة بالنسبة لمصالحه.

لا يبدو حتى اليوم أن هناك حلاً جاهزاً أو محتملاً نظراً الى الوضع الدولي القائم والتوازنات المستجدة فيه، إلا أنه يمكن تصور احتمالات متعددة قد تؤدي الى حل ما، ومنها:إبقاء الوضع على ما هو عليه واعتبار خط وقف النار حدوداً دولية بموافقة الطرفين و ضم القسم المسلم من الإقليم الى الباكستان والقسم الهندوسي الى الهند، وهذا يتطلب موافقة الطرفين ايضاً.

 

كذلك  منح الإقليم استقلاله ليصبح دولة مستقلة، ويختار مصيره من خلال استفتاء شعبي. إقامة دولتين مستقلتين في الإقليم.

إن رغبة سكان الإقليم هي في استقلال الإقليم، إلا أن لعبة المصالح الدولية تمنع قيام هذه الدولة حتى اليوم لخوف الهند والباكستان من تحول هذه الدولة الى الطرف الآخر، ما يؤثر على ميزان القوى الاستراتيجي على أعتاب الصين الجنوبية وروسيا.

 

 

11-2-2015
آخر الأخبار

مقالات

أهم المواضيع