Download App Fahad Al-Salem Center application on your IOS device Download Fahed al Salem Center application on your Android device
محاكمة صحفي سويدي بتهمة تهريب البشر "طفل الحافة".. سيلفي تعاملت معه وزارة العمل السعودية 2.4 مليار شخص بلا "مراحيض" الامم المتحدة تعرب عن قلقها الشديد بشأن قانون تركي يسقط تهمة الاعتداء على قاصر عند الزواج
أبرز الأحداث

تقارير اخبارية

الأكثر قراءة
دارفور.....والصراع على الحياة

 

نشب نزاع دارفور غربي السودان منذ بداية شباط/ فبراير 2003 على خلفيات عرقية وقبلية وليس لأسباب دينية كما هو الحال في حرب جنوب السودان، بالرغم من أن الفروق العرقية والقبلية بين القبائل المتحاربة غير وضحة ولامحددة المعالم وجميعها تدين بالإسلام.

يشكل اقليم دارفور خمس مساحة السودان. يحده من الشمال ليبيا ومن الغرب تشاد ومن الجنوب الغربي أفريقيا الوسطى. وفي الحدود الداخلية من الشرق يتجاور إقليم دارفور مع أقاليم سودانية أخرى.

يعود تاريخ هذا النزاع إلى عام 1989، حين شبّ صراع عنيف بين الفور والعرب، وتمت المصالحة بينهما في مؤتمر عقد في الفاشر عاصمة الإقليم. ثم بعدها بعشر سنوات نشب نزاع ثان بين العرب والمساليت غرب دارفور ابتدا من عام 1998 إلى 2001، وتم احتواء هذا النزال باتفاقية سلام بين الطرفين حتى فضّل بعض المساليت البقاء في تشاد.

ومع وصول هذه الأزمة إلى مراحل خطيرة، وتفاقم العمل المسلح وأعداد الضحايا من المدنيين، نزح أكثر من مليون مواطن إلى دولة تشاد، ليقيموا في مخيمات للاجئين في ظل ظروف قاسية ومعاناة إنسانية تمثلت بالمجاعة التي هددت حياتهم المهددة أصلاً. وفيما تتهم الحكومة وحلفائها من الميليشيات المسلحة بممارسة للتطهير العرقي ضد الإتنيات الأخرى في الإقليم، وفي ظل العجز الداخلي عن مواجهة هذه الأزمة والحد من انفجارها، يأتي التدخل الخارجي " سعيا ً لحل المشكلة"، وهو تدخل لايخلو من مصالح للأطراف التي تمارسه.

فما هي ظروف وعوامل الصراع هناك؟ هل هو مجرد صراع على الماء؟ أم هو صراع إتني؟

أطراف الصراع

يتألف الطرف الاول في الصراع من القوات الحكومية السودانية وقوات الجنجاويد، وهي ميليشيا مسلحة مؤلفة من بعض بطون القبائل العربية مثل البقارة والرزيقات الذين هم عبارة عن بدو رحّل يرعون الإبل يعتقد المراقبون أنهم مدعومون من قبل الحكومة السودانية، بالرغم من أن حكومة السودان تنكر أي دعم منها لمجموعات الجنجاويد إلا أن الكثير من الدول والمؤسسات الدولية يتهمونها بتوفير الدعم المادي والأسلحة لفرق الجنجاويد وحتى المشاركة معها في هجوماتها على القبائل التي تدعم فرق التمرد.

أما الطرف الآخر في الصراع فهو خليط من المجموعات المتمردة، أهمها حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة الذين تنحدر اصولهم على الاغلب من القبائل غير العربية في دارفور مثل الفور والزغاوة والمساليت.

وإذ يجمع كثيرون على ما عاناه الإقليم من تهميش وإهمال كبيرين من الحكومات السودانية المتعاقبة بما لا يتناسب مع مساهمته في الدخل القومي السوداني لما يضمه من ثروات، نجد غيابا للمشاريع الجديثة وتدنيا ً كبيرا ً في مستويات التعليم والخدمات الصحية ولاإجتماعية.

وفي عامل آخر، يعبر سكان دارفور عن تعرضهم لمعاملة عنصرية من قبل سكان الوسط السوداني، تحكمها نظرة استعلاء نظرا ً لثقافتهم المختلفة وسحنتهم الإفريقية.

هذا فضلا ً عن عوامل سياسية تاريخية ساهمت في هذا التوتر تتمثل بقيام سكان دارفور أو "سكان الغرب" بالثورة والتمكن من السيطرة على الحكم وتأسيس الدولة المهدية التي حكمت أواخر القرن التاسع عشر بقيادة الخليفة عبدالله التعايشي.

وقد شهد الإقليم في تاريخه الحديث ظاهرة الصراعات القبلية على موارد الأرض والماء، فالموارد قليلة وعدد السكان في ازدياد،لكن هذا الصراع اكتسب في ما بعد، نظرا لطرفيه من القبائل الرعوية ذات الأصول العربية والأخرى الزراعية المستقرة ذات الأصول الإفريقية، شكل الصراعات العرقية، ما سبب تأزيم الأوضاع وانفجارها بشكل كبير.

 

التدخل الخارجي

لم يكن خفيا ً انخراط عوامل وعناصر خارجية في صراع دارفور، حيث يوجه مسؤولون في الحكومة السودانية أصابع الإتهام للمخابرات التشادية والليبية وإيريترية بدعم التمرد، في الوقت عينه، تتهم حركات التمرد الحكومة التشادية بالوقوف إلى جانب الحكومة السودانية، كل هذا وسط حديث عن مشاركة عناصر من دول إفريقية شتى في الصراع المسلح بينها عناصر من مالي والنيجر وبوركينا فاسو وأوغندا.

وسط هذه العوامل، لم يعد الصراع مقتصرا ً على النزاع على الماء، ولم يعد صراعا ً قبليا ً، بل تحول إلى حرب أهلية بشعة يدفع ثمنها سكان دارفور، متعرضين لكل أنواع وأشكال العنف.

ماذا عن المساعي الدولية

بعد فشل الأطراف السودانية في وقف الاقتتال والانتهاكات تجاه المدنيين ومواجهة اللاجئين لظروف حياة قاسية حركت ضمير العالم. وبعد فشل الأطراف الإقليمية ومن أهمها تشاد في إيصال الأطراف المتقاتلة إلى اتفاق. يتجه المجتمع الدولي اليوم لحل الأزمة، ويقال إن الإدارة الأميركية دخلت بكل ثقلها لدفع الأطراف المتقاتلة للتفاوض, والضغط على الحكومة لحل الجنجويد وتقييدهم والوصول إلى حل، في محاولة منها لتقديم هذا الجهد كنجاح عالمي يحسب لها في مقابل فشلها في العراق. بينما دخلت الأمم المتحدة من باب المساعدة الإنسانية حينما عجزت عن تقديم حل عادل وناجع للأزمة تلتزم به كل الأطراف.

فبعد أقل من عام على تفجرها في 2003 تحولت الأزمة في دارفور إلى القضية رقم واحد في العالم، وصدر حولها عشرون قراراً أممياً خلال بضع سنوات، وزار البلاد عدد كبير من كبار المسؤولين الدوليين في فترة متقاربة صيف عام 2004، وكان في طليعتهم وزير الخارجية الأمريكي كولن باول وأمين عام الأمم المتحدة. ولحق بهما وزراء الدول الأوروبية الكبرى. ولاحقا ً، أعلن زعماء معظم الدول الكبرى تعيين مبعوثين رئاسيين مختصين بأزمة دارفور. وكان بعضها، مثل الصين وروسيا، تقوم بمثل هذا الإجراء لأول مرة. وفي هذا المسعى، فوضت الأمم المتحدة أكبر بعثة لحفظ السلام في العالم، ورصدت معظم الدول مليارات الدولارات لتمويل عمليات السلام والإغاثة.

 

ولكن،  في مارس 2009 أعلن الرئيس السوداني عمر البشيرعن طرد ما بين ست إلى عشر من منظمات تقدم العون والإغاثة للنازحين من الحرب في إقليم دارفور، وبررت السلطات السودانية قرارها بدعوى تعامل المنظمات مع محكمة الجنايات الدولية التي أصدرت مذكرة اعتقال دولية ضد الرئيس السوداني عمر البشير ومطالبتها الدول الموقعة على معاهدة روما والتي تم بموجبها إنشاء المحكمة بالتعاون في تنفيذ طلب المحكمة متهمة إياه بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور.

وكانت مذكرة دولية قد صدرت في 4 مارس 2009 من قبل المدعي العام بمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير لاتهامه بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور السوداني. وقد وجهت للرئيس السوداني سبعة تهم منها ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والترحيل القسري والتعذيب، وتوجد تهمتان من جرائم الحرب منها قيادة الهجمات ضد السكان المدنيين، إلا أن المحكمة لم توجه له تهمة ارتكاب أعمال إبادة جماعية لعدم وجود أدلة كافية على ذلك.

واليوم، وبعد كل هذه الإنشغال الدولي بدارفور سابقا ً، تكاد الأزمة تصبح نسياً منسياً، حيث انشغل العالم عنها بكوارث وأزمات لم تعد تحصى، من أوكرانيا واليونان وباريس إلى اليمن وسوريا والعراق، ومن نيجيريا والصومال ومالي إلى باكستان وإيران. ولم يعد هناك متسع في وقت مجلس الأمن ولا فائض في اجندة السياسيين وخزائن الدول الكبرى يخصص لدارفور وأهلها.

وفي خضم هذه الأزمة، هناك غائب وحيد، لا مبرر لغيابه سوى التخاذل والهوان، هذا الغائب هو جامعة الدول العربية التي آثرت الصمت كما في كل قضايا شعوبها، فإذا كانت أزمة دارفور صراعا ً على موارد الأرض، بما يحمله عامل الصراع هذا من مؤشرات التخلف والفقر التي يعاني منها دارفور وسائر أرجاء السودان، لماذا لم تحاول بعض هذه الدول تقديم المساعدات المالية لتلافي هذا السقوط المريع لدولة يفترض أنها عضو في جامعة الدول العربية، عاجزة عن تقديم الإنماء المتوازن بين أقاليمها، خاصة تلك الدول التي تتباهى بتبوئها المراكز الأولى من حيث الغنى على مستوى العالم؟! ولكن هل يعود لهذا السؤال معنى ً إذا ما تذكرنا تقاعص هذه الجامعة ودولها عن أداء واجبها تجاه معظم القضايا، إن لم نقل كلها، بغياب أي شكل من أشكال التضامن وتحمل المسؤولية؟ هنا نكتفي بطرح سؤال وحيد :          لماذا؟!
 

 

 

31-1-2015
آخر الأخبار

مقالات

أهم المواضيع