المسلمون في اسبانيا يصفون انفسهم بالمضطهدين ويشعرون بالغبن في مجتمع يقول انه يطبق العدالة والمساواة بين مواطنيه وقاطنيه.
اعدادهم ليست بالقليلة اذ قاربوا الثلاثة ملايين مسلم بعد ان اعلن تقرير المرصد الأندلسي لاتحاد الجاليات الإسلامية في إسبانيا ان اعداد المسلمين في هذا البلد ارتفعت 7.2% لتبلغ مليونا و850 ألف نسمة.
ينتشر غالبية المسلمين في اسبانيا في مقاطعات "كتالونيا"، و"الأندلس"، و"مدريد"، و"فالينسيا"، ثم "مورسيا"، و"سبتة"، و"مليلية".
أصول المسلمين في اسبانيا
تتنوع اصول المسلمين في اسبانيا بين مهاجرين او متحدرين من اصول اسبانية، لكن معظم المسلمين هناك يمثلون مهاجرين حديثين جاؤوا من دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا. ومعظم جنسيات هؤلاء المسلمين المهاجرين تشمل المغاربة والسوريين واللبنانيين والعراقيين بالإضافة لأعداد قليلة من البنغاليين والهنود والباكستانيين.
أما عدد المسلمين المتحدرين من اصل إسبان وتحولوا إلى الديانة الإسلامية، فيبلغ عددهم حوالي 50 ألف شخص. وينتمي غالبية المسلمين في إسبانيا الى الطائفة السنية مع وجود أقلية شيعية.
وفي العام 2014، انتشر في اسبانيا حوالي 42 اتحادًا تابعًا للجالية الإسلامية، ومنهم اللجنة الإسلامية بحسب سجل الكِيانات الدينية الإسلامية التابع لوزارة العدل الاسبانية.
كما ساهم صدور قوانين حرية الأديان في إسبانيا بانتشار الهيئات والمؤسسات الإسلامية حتى وصل عددها إلى 49 مركزًا وهيئة. أبرز هذه المراكز هي المركز الإسلامي الإسباني، وجمعية المسلمين الإسبان في غرناطة، والجمعية الإسلامية في إسبانيا، والجمعية الإسلامية في أشبيلية، والمفوضية الإسلامية في إسبانيا.
المفوضية الاسلامية
“المفوضية الإسلامية في إسبانيا” هي الجهاز الشرعي الممثل للإسلام والمسلمين بإسبانيا أمام المواطنة والإدارة الإسبانية للتمثيل وللمفاوضات وللتوقيع ومتابعة الاتفاقات المعقودة مع الدولة تجاه الإسلام. أنشئت هذه المفوضية عام 1992م وتتكون من اتحادين هما اتحاد الجاليات الإسلامية في إسبانيا والاتحاد الإسلامي للكيانات الدينية الإسلامية.
أما عدد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا والمسجلة بوزارة العدل عام 2010م بلغ إجمالي عددها 791 جمعية، 58% من هذه الجمعيات يتبع اتحاد الجاليات الإسلامية، و9% يتبع الاتحاد الإسلامي للكيانات اللإسلامية، والبقية تبقى خارج هذين الاتحادين.
اعتداءات على المسلمين الاسبان
ورغم التسهيلات التي منحتها اسبانيا مؤخرا للمسلمين لديها الا ان اوضاعهم لم ترتق الى المساواة مع الاسبان وما زالوا يتعرضون للاعتداءات خصوصا مع انتشار المد الغربي المعادي للاسلام.
هذا الوضع عبر عنه رئيس اللجنة الإسلامية الإسبانية (CIE) منير بن جلون في شباط الماضي عندما قال "إن المسلمين الإسبان يشعرون أنهم مضطهدون عقب هجمات باريس التي وقعت في يناير الماضي، حيث وقع 37 هجومًا معاديًا للإسلام منذ ذلك الحين". وطالب المسلمون السلطات بمزيد من الإجراءات الحاسمة إزاء المظاهرات التي تعادي التنوع الثقافي والديني.
ويسعى المسلمون في اسبانيا لافهام المجتمع الاسباني ان الاسلام "لا يمثل الإرهاب" ويروا انفسهم مجبرين عند وقوع حدث في العالم لا صلة لهم به بشكل مباشر، الى الخروج للإعراب عن رفضهم التام لأي نوع من العنف أو الإرهاب حتى لا يتعرضون هم انفسهم للاعتداءات من قبل معادي الاسلام
حرمان الطلاب من التربية الدينية
وفي ما خص الشأن الطالبي فإن 90% من الطلاب المسلمين بالمدارس الإسبانية ما زالوا محرومين من الحصول على حصص التربية الدينية الإسلامية، على الرغم من موافقة الحكومة على توفير تدريس الدين الإسلامي في فترة مبكرة. وأرجع اتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا السبب الى عدم وجود سوى مُعلمَين اثنين للتربية الدينية الإسلامية في مدارس التعليم الابتدائي، علاوة على عدم توظيف العديد من معلمي الدين الإسلامي بالمدارس.
ويوجد في اسبانيا مئات الآلاف من الطلاب المسلمين، ولكن بعض المدارس فقط وبعدد محدود من المدن تقدِّم فصولاً في التربية الدينية الإسلامية لطلابها.
الاسلام واسبانيا
عام 711 م الموافق 93 هجري وصل الاسلام لاول مرة الى اسبانيا، وذلك عندما فتح المسلمون جزيرة إيبريا وانتشر الإسلام في أكبر مساحة من شبه جزيرة إيبريا.
وبعد ثلاثين عاماً من دخول الاسلام الى هذه الجزيرة باتت بأكملها بحوزة الإسلام، وتحول الفاتحون إلى مهاجرين واستوطنوا البلاد، وامتد نفوذهم إلى فرنسا.
وفي عهد المسلمين عرفت اسبانيا زراعة المدرجات الجبلية، وتم تمديد شبكات الري المعقدة، وأدخل المسلمون محاصيل جديدة، وتحولت البلاد إلى مشعل حضارة، وازدهرت العلوم في إسبانيا في عهد المسلمين.
هكذا خرج الاسلام من الاندلس
بين عامي 1482 و1492، عاشت غرناطة حروبا عديدة وشهدت حملات عسكرية متلاحقة في عهدِ الملوكِ الكاثوليك، إيزابيلا الأولى ملكة قشتالة وفرديناند الثاني ملك أراغون وانتهت بهزيمةِ غرناطة وإلحاقها بمملكة قشتالة، وبذلك انتهت القاعدةً الإسلاميةً - الأندلس التي أقيمت على شبه الجزيرة الآيبيرية وبسقوط غرناطة انتهت حروب الاسترداد.
ومع سقوط غرناطة، لم يعد للمسلمين حكما في اسبانيا، ووقعوا معاهدة الهزيمة مع فرديناند الثاني ملك أراغون، وايزابيلا الأولى ملكة قشتالة، يلتزمان بها باحترام الدين ولكنهما نقضا المعاهدة وحاكما المسلمين أمام محاكم التفتيش التي أصدرت أحكامها بالإعدام حرقاً على أعداد كبيرة من المسلمين. ومارست هذه المحاكم سلطانها أكثر من ثلاثة قرون ضد المسلمين ولم تلغ إلا في القرن الثامن عشر.
وبعد سقوط غرناطة، هاجرت أعداد كبيرة من المسلمين إلى بلاد المغرب، واضطر من بقي أن يخفي عقيدته سراً وهم (الموريسكيون) والذين تمردوا في سنة (976 هـ - 1568م)، ولما يأس الأسبان من إجبارهم على ترك دينهم أمروا بطردهم من إسبانيا سنة (1019هـ - 1610).
