Download App Fahad Al-Salem Center application on your IOS device Download Fahed al Salem Center application on your Android device
محاكمة صحفي سويدي بتهمة تهريب البشر "طفل الحافة".. سيلفي تعاملت معه وزارة العمل السعودية 2.4 مليار شخص بلا "مراحيض" الامم المتحدة تعرب عن قلقها الشديد بشأن قانون تركي يسقط تهمة الاعتداء على قاصر عند الزواج
أبرز الأحداث

تقارير اخبارية

الأكثر قراءة
المعارضة وأنظمة الحكم

 

 

بقلم: الشيخ فهد سالم العلي الصباح*

المعارضة مفهوم مستَحدَث في عالم السياسة، حيث إنّه لم يكن موجوداً أو حتى مبرّراً في الأنظمة الاستبدادية، أو في الدول التي يحكمها حزب واحد، وكذلك في النظام القَبَلي، حيث لا مجال حتى لإبداء الرأي المعارض للزعيم في هذا التجمع البشري.

وبالرغم من ذلك، فقد عرف اليونانيون القدامى المعارضة حين أرسوا نوعاً لافتاً في الاجتماع السياسي، تمثّل في اختيار «النواب» عن طريق الاستفتاء. ومع تطور المجتمعات البشرية واستقرارها، تطلّع الأشخاص الذين كانوا ضحيّة لأعمال السخرة إلى نيل حقوقهم الإنسانية، في مواجهة أنظمة الرقّ والعبودية، فعرف البشر ثوراتٍ عديدة في المجتمعات المتحضرة كثورة سبارتاكوس في أثينا وثورة الزنج في العراق. واتّخذت المعارضة شكلاً سلبياً لدى عرب الجاهلية عبر ظاهرة مُلفتة تزعّمها الشعراء الصعاليك أمثال: «الشَّنْفَرَى» الذين هجروا قبائلهم، وراحوا يعارضون العلاقات الاجتماعية فيها عبر الأشعار.

وتعدّ المعارضة الديمقراطية شكلاً راقياً من أشكال الاعتراض على منهجية الحكم، وتكون حاضرة بقوة في الأنظمة الديمقراطية المستقرة. هذه المعارضة، تتوخّى التغيير عبر النقاش والحوار، وهي تشكّل، ضمناً، اعتراضاً على أداء السلطة، وليس على طبيعة النظام.. وبالتالي يستمر الحكم بشكلٍ تلقائي، سواء نجحت المعارضة في تولي سدة الحكم أم لم تنجح. ذلك أنها تؤمن بوجود الآخر وتحترم وجهة نظره السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية دون أن تكون مؤمنة بها أو داعية إليها.

والمعارضة، في هذه الحالة الراقية، لا تخوض صراعها مع الحاكم على أساس إثارة الشارع واستفزاز الجماهير عبر التظاهرات العارمة، أو عبر إثارة الفوضى أو إشاعة الرعب والقلاقل، غير أنها تمارس عملية النقد وتبيان أخطاء الحكم والدعاية لوجهة نظرها الهادفة إلى الإصلاح تمهيداً للوصول إلى الحكم عبر الاقتراع، والحصول على الأكثرية في المجلس النيابي.

هذه المعارضة الهادئة والهادفة، يضمنها النظام الديمقراطي، لأنه يكرّس تبادل السلطة كميزةٍ ينفرد بها دون سائر الأنظمة الأخرى.

ما يميّز هذا النوع من المعارضة، هو أنها تعترف بحق الآخر في أن يحكم، طالما أنه يحوز على الأكثرية في البرلمان، لأنه سيحوز على موافقة الطرف الآخر في أن يحكم ويسيّر النظام العام، ويطبق نظريته في الحكم، بينما تكون المعارضة خاضعة لما يمليه القانون، ويفرضه حسن سير العمل في أجهزة الدولة، دون أن تثير المتاعب والعراقيل في تطبيق خطط الحكم والتنمية والعلاقات، رغم أنها قد تكون غير موافقة عليها كلياً أو جزئياً.

هذه المعارضة، ورغم أنها قد تكون خارج الحكم، تميّز النظام الديمقراطي، من حيث كونها تخضع لمعايير ثابتة ترتكز على مبدأ فصل السلطات وحياد الجيش والقوى المسلحة الأخرى. وهي تضمن عدم تدخّل تلك القوى في الشأن السياسي، حيث تكون بإمرة السلطة المدنية، وينحصر نشاطها في الدفاع عن الوطن وفي حفظ الأمن.

صحيح أن المعارضة في النظام الديمقراطي ليست عنصراً أساسياً في السلطة، ولكنها تشكّل عنصر الرقابة على السلطة التنفيذية، وتبين أخطاءها، وتحدُّ من تفرّدها بالحكم، سواء في وسائل الإعلام أو في المساءلة والنقاش داخل البرلمان، دون أن يؤدي هذا النقاش وتلك المساءلة إلى إفساد النظام العام وزعزعة استقرار المجتمع. وبذلك تكون هذه المعارضة صمّام الأمان للدولة والمجتمع، كونها تكبح جماح الشارع، وتضبط إيقاع السلطة، وفي الوقت نفسه تخوض الصراع معها في صناديق الاقتراع. وهكذا تشكّل المعارضة عنصراً مهماً من عناصر الدولة، وسمةً رئيسةً من سمات النظام الديمقراطي. فهي تدعو إلى التغيير السلمي والهادئ للعلاقات داخل أروقة الحكم والسلطة، وتؤمّن الانسجام بين المواطن وبين من يتولّون شؤونه العامة.

 

*رئيس مركز فهد السالم لحوار الحضارات والدفاع عن الحريات

 

6-11-2013
آخر الأخبار

مقالات

أهم المواضيع